بشير الجميل: حلم …سيتحقق

المفتي حسن خالد أرسل مندوبا ليبلغه مباركته لانتخابه رئيسا للجمهورية

بشير الجميل:حلم …سيتحقق
اقانيمه الثلاثة:الدفاع عن الوطن,واللبنانيين,والمسيحيين..لبناء الدولة
المفتي حسن خالد أرسل مندوبا ليبلغه مباركته لانتخابه رئيسا للجمهورية
الفلسطينيون والسوريون منعوا التواصل بين اللبنانيين عندما علموا بلقاء الجميل- جنبلاط

ملاحظة : تم تصحيح بعض الاخطاء من قبل المحامي عبد اللطيف سنو

شربل الخوري-اعلامي

يحتفل اللبنانيون وتحديدا المسيحيون في الرابع عشر من ايلول كل عام منذ 1982 بذكرى استشهاد الشيخ بشير الجميل الذي انتخب رئيسا للجمهورية بعد ان كان قائدا لتحالف القوات اللبنانية التي انبثقت عن الاحزاب السياسية المسيحية والتي أُجبرت على اللجوء الى قواها الذاتية للدفاع عن الوطن اولا واللبنانيين ثانيا والمسيحيين ثالثا كما قال المغفور له الرئيس كامل الاسعد عندما كان رئيسا لمجلس النواب وهو الشيعي الذي دعى وعمل بقوة الى انتخاب بشير الجميل انذاك ,فما هو التفسير للاقانيم الثلاثة الانفة الذكر؟وهل تعرف الاجيال الناشئة ماهية هذه الحقائق خاصة ان التعتيم والتجهيل لتلك الفترة أصبحا توأما المرحلة التي نمر بها عن قصد وتعمد لطمس ما كان يحلم به ذلك القائد الكبير الذي لم يتوانى في شجاعة او فكر او تخطيط لانقاذ الوطن الذي اراده ياسر عرفات رديفا لفلسطين وتعامى عن ذلك المسلمون الى ان وعوا قيمة لبنان وما قدمه المسيحيون لتطويره وجعله مختلفا في كل شيء عن اقرانه العرب.
اولا:الدفاع عن الوطن,عام 1969 اضطر لبنان وبضغط من الدول العربية وتحديدا سوريا ومصر الى التوقيع على اتفاق القاهرة مع الفلسطينيين (منظمة التحرير الفلسطينية التي كان يراسها ياسر عرفات)بعد اشتباكات عنيفة بين الجيش اللبناني والفصائل العسكرية الفلسطينية مُنع في حينه لبنان من حسم الموقف عسكريا ,وتنازل عن سيادته على الجنوب لتقيم هناك “الثورة الفلسطينية”سلطتها تحت شعار مقاومة اسرائيل وتحريرها”الموعود”واعترض المسيحيون على ذلك في حين رحب به المسلمون باستثناء قلة من الزعماء الذين اغتيلوا او هجروا .واستطاع الفلسطينيون التمدد بقوة الى بيروت ومدن اخرى نتيجة لتعاطف اسلامي واسع مهم حيث اعتبرهم المسلمون وقتها “جيشهم”واستعملوهم في حرب شرسة, بعد ان شُل الجيش اللبناني ,ضد المسيحيين ,ليكتشف(المسلمون)لاحقا بان ياسر عرفات يريد السيطرة على لبنان كله عندما ارسل قواته الى جبال صنين لاجبار المسيحيين على التشرد والهروب في اصقاع الارض..وكان بشير الجميل يراقب عن كثب مجريات الامور منذ بداية السبعينات والتسلط الفلسطيني وهو الذي خطفته عناصر مسلحة اكثر من مرة الى داخل مخيم تل الزعتر الذي كان قلعة عسكرية تشرف وتتحكم بالمناطق المسيحية في بيروت والجبل.كذلك كان يراقب التدخل السوري ومحاولة نظام دمشق الهيمنة على الحياة السياسية لضم لبنان بشكل نهائي اليها بعد تدخله المباشر تحت غطاء قوات الردع العربية وهيمنته بشكل كامل على كل الفصائل الفلسطينية واللبنانية التي كانت تدور في فلكه..عندها قرر الشيخ بشير الجميل حسم التعددية العسكرية التي نشات في الاحياء والمناطق المسيحية للدفاع الذاتي عن نفسها واقامة القوات اللبنانية لانه عرف بان مواجهة المؤامرة الضخمة لا يمكن ان يستمر بزعماء الزواريب والاحياء..وهكذا كان وتطورت الامور لتحمل القوات اللبنانية منذ ذلك الحين حتى اليوم لواء الدفاع عن لبنان وحريته وسيادته واستقلاله.وكان تحرير للمناطق المسيحية من المخيمات التي تحولت الى حصون عسكرية ثم خوض اشرس معركة في وجه السوريين في مدينة زحلة وفي بيروت الاشرفية..ولحق اللبنانيون بالقوات لاحقا ليشنوا حرب تحرير ضد الوجود المسلح الفلسطيني في النبطية ومخيم نهر البارد والجليل في بعلبك..ثم ليطردوا السوريين بعد اعتيال الرئيس السني رفيق الحريري ..وفي كل الحالات كانوا يعانون الامرين من الفلسطينيين والسوريين وقد تحقق المسلمون اللبنانيون بانفسهم ان هدف الفريقين كان يتمثل في استغلالهم وتسعير الجو الطائفي لتخويفهم وبالتالي الغاء وجودهم كليا .لذلك كان الشهيد بشير الجميل يركز في كل خطبه وكلامه واحاديثه على ضرورة الدفاع عن الوطن وقد التقى لهذه الغاية مع اكثر من زعيم اسلامي في حينه وعلى راسهم كمال جنبلاط الذي كان قائدا للمعسكر الاخر لكن السوريين منعوه من التواصل معه خوفا من اللحمة اللبنانية وذلك قبل ان يغتالوه بالقرب من المختارة مقره العائلي وحصنه المنيع في الشوف بواسطة شخص درزي مقرب منه.لذلك رفع بشير شعار 10452 كيلومترمربع أي المساحة الكاملة للبنان دون انتقاص شبر واحد و(52)هي اشارة لما كان مقتطع قسرا من لبنان من قبل سوريا والمعروف بمزارع شبعا التي انتقلت الى اسرائيل بعد حرب 1967 والتي لا تزال دمشق لحد الان تراوغ بملكية لبنان لها على رغم قبول اسرائيل بردها الى السيادة اللبنانية فور اعتراف سوريا رسميا بذلك وارسال إخطار بهذا المعنى الى الامم المتحدة

ثانيا:الدفاع عن اللبنانيين,من المعروف ان القوات اللبنانية أُنشأت بغرض حماية الوجود المسيحي الحر في لبنان ولكن هذه الحرية التي كان روادها وبناتها منذ الاوائل ,مسيحيو لبنان بمؤسساتهم التربوية والصحية والاستشفائية والثقافية والاقتصادية والتنموية والارشادية والتوعوية والفلسفية والاعلامية لم تكن حكرا عليهم فقط بل مدوها الى كل المناطق وفي كثير من الاحيان تخطت الحدود لتصل الى الدول العربية مشرقا ومغربا وذلك يعني ان الوجود والكيان والشخصية اللبنانية هي التي كانت مهددة وإن استهداف المسيحيين كان للقضاء على راس الحربة التي تنكسر تلقائيا اذا انكسر راسها اي المسيحيين ,والكل كان او بات يعرف الان ان الوجود المسيحي ضرورة لا بد منها وإلا اصبح لبنان مثل اية دولة عربية اخرى فيها الكثير من الاجساد والاجسام والهياكل ولكن تنقصها الروح التي تزهو بالحرية التي لا طعم لها في كل الدول العربية الاخرى..وهي ما ناضلت وتناضل من اجلها شعوب كثيرة ,حيث تحولت الى مسجونة لدى حكامها وتحاول الافلات من السجن الكبير في الوقت الذي تحول الحكام فيه الى اباطرة لمدى الحياة يورثون الحكم من بعدهم الى اولادهم واحفادهم وهم الذين جاؤوا على ظهور الدبابات تحت شعارات جوفاء.وقد تحقق الجميع من حقيقة هذا الشعار,اي الدفاع عن كل اللبنانيين ,في اكثر من مناسبة منذ ان جلت القوات السورية عن لبنان وظهور اللبنانيين وهي التي إغتالت الشخصيات اللبنانية من كل الطوائف والمذاهب لانهم كانوا يعرفون المؤامؤة ويحاولون فضحها ..نذكرمنهم الاعلاميان الكبيران :رياض طه الشيعي وسليم اللوزي السني,المفتي الشيخ حسن خالد ,الرئيس رينه معوض ,الشيخ بشير الجميل وئيس الوزراء رفيق الحريري وقبلهم طبعا الزعيم الدرزي كمال جنبلاط وغيرهم العشرات بل المئات ..ولحد الان لا يزال في السجون السورية اكثر من عشرة الاف لبناني موزعين على مختلف الطوائف خطفوا على الحواجز السورية او اقتيدوا من بيوتهم الى عنجر مركز المخابرات الرئيسي ومنه الى داخل الاراضي السورية بتهم ملفقة وترفض دمشق فتح هذا الملف امام المراقبين الدوليين الذين يراجعون بهذا الموضوع من محتلف المنظمات الانسانسة او تلك التابعة للامم المتحدة وما شهدته العاصمة اللبنانية من تحرك ولا تزال منذ 4 سنوات والخيمة المنصوبة في وسط العاصمة تحت شعار “تريد معرفة مصير المخطوفين”ابلغ دليل على ذلك..إذا الدفاع عن اللبنانيين كل اللبنانيين دون استثناء كان هاجس بشير الجميل وإن لم ينصفه بعض المسلمين الا في وقت متأخر حين زال عن كاهلهم الضغط الفلسطيني ومن بعده السوري وأذكر هنا ما نقله احد الاصدقاء المحامي الزميل عبد اللطيف سنو الذي كان والده رحمه الله رفيق سنو نائباً لرئيس مجلس اوقاف بيروت في الستينات كما كان سابقا صاحب جريدة بريد اليوم ,وكانت تربط المحامي عبد اللطيف سنو اواصر صداقة متينة مع الشهيد الشيخ بشير الجميل والمرحوم إيلي حبيقة كما كان الاستاذ سنو قد انتخب قطباً أعظماً للشرق الوطني اللبناني الافريقي الاكبر عام 1979 وكان حينها الاستاذ كريم بقردوني نائباً لقائد القوات اللبنانية كما كان نائباً للقطب الاعظم وقد إتصل المرحوم فؤاد روكز بالمحامي سنو طالباً منه التوجه فورا الى مبنى المجلس الحربي في الكرنتينا وكانت الساعة تقارب منتصف الليل وذلك قبل ليلة واحدة من إنتخابه رئيساً للجمهورية والجدير ذكره ان الصديق والزميل شربل خوري كان من عرابي هذا اللقاء خاصة ان الاستاذ سنو والاستاذ خوري كانا في قيادة حركة الوعي. توجه الاستاذ سنو الى مبنى مجلس الحربي حيث استقبله الشيخ بشير والمرحوم زاهي البستاني ولاحظ سنو ان مبنى المجلس الحربي كان يعج بالنواب الذين ناهضوا فيما بعد إتفاقية 17 ايار كما كانوا من اشد المناؤيين للشهيد الشيخ بشير الجميل.
بادر الرئيس بشير الجميل الاستاذ سنو قائلا استاذ عبد ارجو ابلاغ هذه الرسالة فوراّ الى سماحة المفتي الشيخ حسن خالد والى صديقنا المشترك الوزير زكي مزبودي وفحوى الرسالة انه يتمنى على النواب السنةّ تحديداً حضور جلسة انتخاب رئيس الجمهورية حتى لو لم يصوتوا له لان النواب السنةّ أنذاك كانوا مقاطعين لحضور جلسة انتخاب الرئيس بقيادة الزعيم صائب سلام كما قال له الباش إذا لم يحضر النواب السنةّ هذه الجلسة فإن ذلك لا ينذر فقط بإنقسام مسيحي إسلامي بل يهدد بانفجار سني شيعي .
ذهب الاستاذ سنو الى منزل زكي مزبودي وايقظه من النوم وكان جواب الدكتور مزبودي سلبياً رافضا التجاوب مع طلب الشيخ بشير طالباً إليه نقل تحياته. وبعدها توجه الاستاذ سنو الى منطقة فردان حيث كان يقيم المفتى في منزل صهره وكان جواب المفتى حرفياً ان الشيخ بشير الجميل رجل يتمتع بصفات القائد ويتمنى ان يصبح رئيساً للجمهورية ولكنه كان يخاف عليه لان بشير كان فريقا ولا يجوز للفريق ان يصبح حكماً بين ليلة وضحاها وختم كلامه قالاً لينتخبوا في هذه الدورة الرئيس كميل شمعون وليتخبوا بشير في الدورة القادمة عاد الاستاذ سنو الى المجلس الحربي وقال للباش ( شعيرة فخامة الرئيس)

“اغتيل بشير..وبعد فترة اغتيل المفتي “عقابا له”على مواقفه التي اصبحت تعلن جهارا ضد الفلسطينيين والسوريين بعد ان عرف مراميهم

ثالثا,الدفاع عن المسيحيين: ما كان يؤرق بشير الجميل باستمرار هو الوجود المسيحي الحر والفاعل ليس في لبنان وحسب ,بل في كل الشرق الاوسط ولذلك كان يحرص على تمتين العلاقات على مختلف المستويات معهم من السودان حتى ايران..وهو الذي قال في إحدى خطبه ردا على منتقديه من بعض ا لقيادات الفلسطينية الذين اتهموه بالخروج عن التعاليم المسيحية “إذا كنا نحن ملا ئكة هذا الشرق فنحن سنكون شياطينه ايضا إذا ما دعت الحاجة”
اثر الرد العنيف الذي جوبه به الهجوم الغادر على مدينة شكا المسيحية في شمال لبنان عام 1976
ما ذا عنى بهذا القول؟ أن المسيحيين الذين يطبقون تعاليم المسيح لن يتركوا لاي كان ارتكاب المجازر بحقهم تحت هذا الظن او الاعتقاد ,وهم قادرون على ان يصبحوا شياطين إذا ارغمهم احد على ذلك.
بعد انتخاب بشير بايام وقبل اغتياله بثلاث ليال ,كانت الساعة تشرف على التاسعة والنصف مساء,كان لبنان باسره قد تحول الى خلية عمل وفرح من اقصاه الى اقصاه بالعهد الجديد الذي سيعيد للبنان رونقه وحريته ومعناه.في هذه الليلة ,طلب من سكرتيره الشخصي انذاك المدعو نبيل ابومتري ان يتستدعي رؤساء المذاهب المسيحية الى مقره في بكفيا لاجتماع هام وطارئ.حضروا جميعا بعد نصف ساعة متعجبين من توقيت هذا اللقاء وهم تعودوا على الاكل والنوم باكرا “كما قال لهم” ولكنه أضاف:”ليس عندي وقت اخر ,اعتذر منكم لازعاجكم ..المسألة هي انني لظروف تعرفونها جميعكم لا تستطيع اقامة دولة مسيحية..غير انني ما اريده منكم ان تعملوا على استقدام 500000مسيحي الى اية طائفة انتموا خلال السنة الاولى من ولا يتي ..ودار العمل,المسؤولة عن هذا المشروع قد أعدت كل شيء لاستقبالهم في مناطق ستكون نموذجية وتأمين العمل لهم ,سوف نبني لبنان الجديد بارجحية مسيحية .لا فرق عندي بين ماروني وسرياني او اورتوذكسي او كاثوليكي او بروتستانتي.لبنان الجديد هو غير لبنان القديم الذي قام على التكاذب.سأحطم كل الاصنام التي خربت بناء الدولة ..ويجب ان تعرفوا بانه على المدى البعيد لن ينقذ المسيحيين في هذا الشرق غير وحدتهم وتماسكهم ..ولكن من خلال مؤسسات الدولة “.
هذا هو حلم البشير..الدولة القوية القادرة..التي تحفظ وتصون الوجود المسيحي .لقد قال في خطاب له في ثاني يوم بعد انتخابه رئيسا يجب ان نخرج جميعا من سياسة التكاذب وتبويس اللحى.دفعنا 100الف شهيد كي نخرج من النفق الذي كنا فيه.قولوا الحقيقة والصدق .واعطوا الحق لكل من يستحقه .سنتعامل مع بعضنا البعض بعقلية جديدةوانا ساكون لكل الناس بدون اي عقد.لبنان علم ابجدية المقاومة والعنفوان عندما اراد الفلسطيني ومن بعده السوري اجتياح كل شيء بما فيها قيمنا.اليوم,يقول بشير,سقطت دولة الفوضى التي ادت الى ما أدت اليه ولن اسمح لها بالعودة

بالفعل خلال 23 يوما من انتخابه اختفت الرشوات من الادارة ,وبات الجميع يطبقون دوام العمل بحذافيره ,وكأن البلد في حالة عرس .كل يوم مساء ينتظر اللبنانيون “الدستورالجديد “الذي يسنه البشير ببساطة الكلام وحقيقة السيد المسيح التي كانت شعلة له ..هذه الامال كلها تعود اليوم لتشتعل في نفوس كل اللبنانيين من كل الطوائف لان فيها وحدها خلاص لبنان.

ملاحظة:كاتب هذه المقالة عاصر الشيخ بشير الجميل و كان مسؤولا اعلاميا في القوات اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى