هل تحرر “كورونا” السجون اللبنانية؟

ضجت مواقع التواصل الاجتماعي والأوساط القانونية بصدور اول حكم قضائي “عن بعد” عن محكمة الجنايات، من دون حضور المتهم الى الجلسة. الخبر قد يبدو عادياً بالنسبة الى دول كثيرة ألزمتها كورونا اللجوء الى التقنيات من بداية حصول الوباء. لكنه يبدو استثنائياً بالنسبة الى لبنان الذي يعاني ازدحاماً وتعقيدات في سجونه، زادتها أزمة كورونا حدة ومأساوية.

فالمعلومات المسرّبة من داخل سجن رومية المركزي، تُشيرُ الى تفشي الوباء وتسجيل اكثر من ٣٠٠ اصابة، منهم ١٩٥ في المبنى ب المخصص للموقوفين بقضايا الارهاب، فيما لم يسجل مبنى الأحداث اصابات، مما أدى الى استنفار الأجهزة الأمنية والصحية، اذ تحول السجن المركزي الى رقعة أمنية محصنة خوفاً من تزايد أعمال الشغب. وما تم رصده بين السجن وخارجه من إعداد لعملية هروب وتمرد واسعة باستغلال وضع الجائحة، وحيث تردد ان فرقة دعم كبيرة من القوات الخاصة موضوعة بالتصرف في حال حصول فوضى.

ظهور كورونا في السجون أعاد نبش قانون العفو العام، الذي ما يكاد يُطرّح حتى يتم سحبه من التداول بسبب الخلاف السياسي، ومحاولة كل فريق سياسي تجييره لمصلحته الشعبية والانتخابية. فالفريق الشيعي يريد عفواً عن الموقوفين بتهم المخدرات وعصابات السرقة، فيما يسعى الفريق السنّي للافراج عن سجناء الارهاب والموقوفين الاسلاميين، ويتطلع المسيحيون الى الفارين الى اسرائيل.

يفضل الفريق المسيحي التريث في موضوع العفو العام، إنطلاقا من حسابات تتصل بالأوضاع الأمنية والسياسية. فالعفو العام كما تقول مصادر مسيحية يُطرح اليوم في توقيت سيىء تزامناً مع الانهيار الاقتصادي وتدحرج لبنان نحو الهاوية، وحيث ان خروج سجناء في هذا التوقيت السياسي الدقيق يطرحُ مخاوفَ من إنخراط المفرج عنهم بالعفو بأعمال سرقة وقتل، في ظل الفوضى المجتمعية والبطالة.

إصدار العفو العام يُشكّل في هذه المرحلة قنبلة موقوتة، أخطر بتداعياتها من كورونا نفسها. فتجربة إخلاء سبيل موقوفين بقضايا ارهابية أثبتت عودة هؤلاء الى النشاط السابق كما ظهر في جريمة بلدة كفتون، التي راح ضحيتها ثلاثة عناصر من الحرس البلدي وشهداء للجيش في ملاحقة الارهابي خالد التلاوي، وبالتالي قد يبدو للبعض ان حلاً يتم إعداده في الساعات القادمة كمقدمة يقوم على إصدار عفو خاص بإعداد لوائح اسمية بسجناء لهم الأولوية للخروج من السجن تحت ضغوط كورونا، حيث لا تتوقع مصادر سياسية ان يسلك العفو العام الذي يخضع للمحاصصة والطائفية طريق الحل. وعليه، على الأرجح ان يكون الخيار الوحيد المطروح هو الاكتفاء بالعفو الخاص، واجراءات استثنائية خاصة بحالات كورونا، عبر اقامة مستشفيات ميدانية وغرف عزل خاصة للسجناء، وتجهيز فرق طبية خاصة للتدخل، في سياق خطة شاملة للتعامل مع كارثة الوباء اذا ما توسعت في السجون.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى