الراعي: حان الوقت لسحب المتفجرات والأسلحة من الأيدي

الراعي: حان الوقت لسحب المتفجرات والأسلحة من الأيدي
اعتبر البطريرك الماروني الكردينال مار بشارة بطرس الراعي في عظة قداس الأحد أن “ما يُدمِي القلبَ بالأكثر ويُثير الغضبَ الشعبيّ هو أنّ بعضَ مسؤولي الدولة يتعاطون مع الكارثة من زاويةٍ سياسيةٍ ويَحُولون دون تحقيقٍ دوليٍّ يكشِف بواسطة تقنيّاته وحياديّته أسبابَ التفجير ويُحدّدُ المسؤوليات بتجرد ونزاهة. ويكاد الغضبُ الشعبيُّ أن يتفجّر عند رؤية المعنيّين بتأليف حكومةٍ جديدة، يقاربون عمليّةَ التأليف من منظارٍ انتخابيٍّ ومصلحيٍّ ويضعون الشروط والشروطَ المضادّة، كأنْ لا البلادُ انهارت، ولا الجوعُ عمَّ، ولا الكيانُ ترنّحَ، ولا انفجارُ المرفأ حصل، ولا مائتا شهيدٍ سَقط، ولا ألوف من الجرحى، ولا مئاتُ ألوفٍ بدون مأوى، ولا بيروت تدمّرت، ولا عقوباتٌ قديمةٌ وجديدةٌ، ولا وباءُ كورنا يَكسحُ البلاد”.
وشدد على أن “الشعب والعالم يترقّبان تأليفَ حكومة إنقاذٍ وطنيٍّ واقتصاديٍّ سريعًا دونما إبطاء، مهما كان السبب، شرط ان تتألف من رجالات إنقاذ، فلمَ مقاومةُ الإصلاح؟ ولمَ حصرُ السلطةِ بمنظومةٍ أثبتَتْ فشلَها؟”.
اعلان
ولفت الراعي الى أن “ما نخشاه أن يكون أحدُ أهدافِ التسويف في تأليف الحكومة هو إعادةُ لبنان إلى عزلته التي كان يَرزح تحتها قبل تفجير المرفأ، وعرقلةُ زيارات كبارِ مسؤولي العالم إليه، بغية تأكيد القرب من شعبه الأبيّ بما يقدّمون من مساعدات”، مشيراً الى أن “هذا الشعب الذي أظهرَ تضامنه، من خلال شبانه وشاباته وسائر المتطوّعين من أطبَّاء ومهندسين ومحامين، وسواهم من المحسنين والمتبرّعين والمنظّمات الإنسانيّة والكنسية والرسولية والكشفية. هؤلاء كلُّهم هبّوا للنّجدة على تنوّعها، فكفكفوا دموعًا وعزّوا قلوبًا، وشجَّعوا إرادات. فضلاً عن الذين تبرّعوا بالمال سخيًّا لمساعدة العائلات والمؤسسات، والذين باشروا في ترميم المنازل، ووضع التصميم العامّ، والجهات التي أعلنت تبنّيها إعادة بناء وترميم مستشفيات وكنائس. الله وحده كفيل بمكافأتهم، وهم موضوع صلاتنا وتشجيعنا واهتمامنا لدى ذوي الارادات الحسنة. وأوجّه تحيّة شكر من القلب للدول التي ما زالت ترسل المساعدات المتنوّعة. حفظها الله في سلامٍ وازدهار!”.
وأكد أن “أوجاع ودموع ضحايا الانفجار، هي صرخةٌ تصل إلى قلب الله، وتتحوّل كلمةً منه إلى كلّ صاحب مسؤوليّة في قطاعه وبخاصّةٍ إلى السّلطة اللّبنانيّة لتعتبر كارثة مرفأ بيروت بمثابة جرس إنذار، فتبادر إلى مداهمة كلّ مخابئ السّلاح والمتفجرّات ومخازنه المنتشرة من غير وجه شرعي بين الأحياء السكنيّة في المدن والبلدات والقرى”، معتبراً أن “بعض المناطق اللّبنانيّة تحوّلت حقول متفجّرات لا نعلم متى تنفجر ومن سيفجرّها. وجود هذه المخابئ يشكّل تهديدًا جدّيًا وخطيرًا لحياة المواطنين التي ليست ملك أيّ شخص أو فئة أو حزب أو منظمة. حان الوقت لأن تُسحَبَ هذه الأسلحة والمتفجّرات من الأيدي لكي يشعرَ المواطنون أنهم بأمان، على الأقل، في بيوتهم”.
وشأن جريمة كفتون – الكورة، قال الراعي: “كم آلمتنا في هذا السّياق حادثة مقتل ثلاثة شبّان بالأمس في بلدة كفتون بالكوره العزيزة، وهم علاء فارس وجورج وفادي سركيس، خلال تأديتهم واجبهم المكلّفِين به من قِبل البلديّة بصفتهم شرطة بلدية ومتطوّعين للخدمة وذلك على يد مجرمين أتَوا الى البلدة بسيّارةٍ بدون لوحات وهذا مظهرٌ آخر من إهمال السّلطات الأمنيّة ونصلّي لراحة نفوس الضحايا، ونعزّي أهلهم وعائلاتهم وفي مقدّمتهم رئيس بلديّة كفتون السيّد نخله حنّا فارس والد أحد الضحايا”.
وبمناسبة صدور حكم المحكمة الخاصّة بلبنان بشأن قتلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه، جدّد الراعي “التعازي إلى عائلاتهم”، مستذكراً “دوره في إعادة إعمار وسط بيروت، وتحييد لبنان عن الصّراعات الاقليميّة والدوليّة، وتعزيز علاقاته مع الدّول العربيّة ودول العالم”.
وأكد أن “هذا ما نحتاج إليه اليوم، نحتاج إلى شخصيّةٍ تُعيد، مع أصحاب الإرادات الحسنة، نسج هذه العلاقات العربيّة والدوليّة، وتُخرج لبنان من عزلته الجبريّة السّياسيّة والديبلوماسيّة والاقتصاديّة التي تخنقه”.
وشدد الراعي على أن “البطريركيّة المارونيّة تتطلّع إلى توطيد علاقات لبنان بأشقَّائه العرب، فهي تؤمن إيمانًا صادقًا بانتماء لبنان إلى العالم العربيّ، وبالتعاون مع قادة دوله من أجل السلام والتقدّم في الشرق الأوسط. فمن لبنان انطلقت مبادرة السلام العادل والشامل التي أُقرَّت في قمّة بيروت لجامعة الدول العربية سنة 2002″، معتبراً أن “لبنان اليوم هو الأحوجُ إلى السّلام ليتمكّن من استعادة قواه والقيام بدوره في محيطه لخدمة حقوق الانسان والشعوب”.
وأضاف: “كفانا حروبًا وقتالاً ونزاعات لا نريدها!”.
وأوضح أن “وثيقة الحياد الناشط” التي أعلنّاها في السابع عشر من آب الجاري، ولقِيَت شبه إجماع من التأييد، ليست مشروعًا خاصًّا بالبطريرك أو بالبطريركية المارونيّة، بل هي عودةٌ إلى صميم الكيان السياسيّ اللبنانيّ، وطبيعة اللّبنانيّين على مرّ العصور، وباب خلاص للبنان وكلّ اللّبنانيّين”.
وتابع: “والحياد، كما أوضحَتْ الوثيقة مفهومَه، لا يقبل التجزئة في مكوّناته الثلاثة المتكاملة والمترابطة وليس هو موضوع وفاق بل يسلتزم أوّلاً وفاقًا على الولاء للبنان، قبل الوفاق على الحياد. فمتى حصل الوفاق على الولاء للبنان، يصبح القبول بالحياد أمرًا بديهيًّا”.
وأشار الى أن “لقد بات الحياد معيارَ قناعتنا بمفهوم لبنان الكبير ودوره التاريخيّ وصيغة الشراكة التي أرساها الميثاق الوطنيّ وطوّرها اتّفاق الطائف”، مشدداً على أن “بناء الدولة القويّة مرهونٌ باعتماد الحياد لا بالاستغناء عنه. وهذا ما نرجوه عشيّة الاحتفال بالمئويّة الأولى لإعلان دولة لبنان الكبير”.
وختم: “صحيحٌ أنّ لبنان صغيرٌ بمساحته،

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى