الى اصحاب القرار في مكافحة فيروس كورونا

كتب : ادوار حمصي

 
بعد الارتفاع الملحوظ في عدد المصابين بفيروس كورونا ، وما رافقه من علامات استفهام  حول مستوى دقة الفحوصات التي اجريت لغاية اليوم ، وثبوت عدم صحة نتائجها لبعض المواطنين ، وعدم اخذ الاجراءات الفعالة التي من شانها تدارك توسع  دائرة الاصابات بالفيروس بشكل لا يمكن بعده معالجة الكارثة الصحية ،  اجرينا هذه الدراسة المنطقية والواقعية والتي من شانها المساعدة في ايجاد الحلول المرجوة .
مع الاجراءات التي تم اقرارها مؤخرا بهدف الحد من ارتفاع الاصابات وعدم تفشي العدوى في كافة المناطق ، لا بد من ابراز الملاحظات التالية التي من شانها المساعدة في  تامين المزيد من الحماية الصحية ، المرتكزة على اسس علمية صحيحة وواقعية :
1- بموجب قرار وزير الداخلية ، الاقفال من الخميس الواقع فيه 30/7/2020 الساعة 6 صباحا ولغاية الاثنين الواقع فيه 3/8/2020 الساعة 24
ومن يوم الخميس الواقع في 6/8/2020 الساعة 6صباحا ولغاية الاثنين الواقع فيه 10/8/2020 الساعة 24
تمثل فيها الفترة الممتدة بين 3/8/2020 و 6/8/2020″ فشة خلق” للمتعطشين الى التفلت الاجتماعي ، لتكون نتائج الاصابات مضاعفة بالطبع في هذه الفترة ، نظرا للاختلاط الهائل الذي سيحصل دون الخضوع لادنى درجات الرقابة .
اضافة الى الاصابات الطبيعية التي ستظهر خلال فترة الالتزام الجزئي والمرجح ان تكون بشكل تصاعدي ايضا ، لعدم وجود ضوابط حازمة ولارتباط هذه الاصابات بفترة ما قبل التشدد المفروض حديثا”.
والنتيجة تفاقم  عدد الاصابات وخسارة ايام مصيرية ، من شانها حسم ولو جزء من معركة خسائرنا فيها كبيرة بكل الظروف المستقبلية،  انما بنسب مختلفة تماما بين ما قبل التدبير الجديد وما بعده ، علما انه تم السماح باقامة مراسم الزواج في اليومين الغير خاضعين لرقابة الصحة والداخلية ، مما يزيد الطين بلة والاصابات اصابات اضافية تمثل كارثة تجاه الوطن ككل .
كل هذا والمطار مستمر في استيراد الوباء ، وزيادة عدد المصابين في لبنان والشكوى الدائمة من كافة مسؤولي القطاع الصحي ، لاقترابنا  من بلوغ الحد الاقصى للاسرة المخصصة لمرضى كورونا في المستشفيات كافة ،وعدم التزام الكثير من المصابين المكتومين اذا صح التعبير اجراءات السلامة العامة واختلاطهم بمعارفهم واقاربهم ، بحكم العاطفة  والعادات السائدة منذ امد بعيد ، ما سيؤدي  حتما”الى نتائج كارثية في الاصابات.
2- من المتعارف عليه ، ان نسبة الخطا في فحوصات ال pcr هو 30 % تقريبا ، واذا سلمنا جدلا ان ما حصل مؤخرا من خطا  بنتائج الفحوصات ، ان في فحوصات السوريين الراغبين بالدخول الى سوريا ،او في الارتكابات التي نفذها موظفون في القطاع الصحي وغيره ، اضافة الى الاخطاء المرتكبة في المطار سواء من عدم التزام التباعد الاجتماعي بعد اجراء الفحص و خلل في الفحوصات ، او في المراكز المعتمدة لها ، لجهة عدم  نقل الفحص في مستوعبات خاصة تضمن بقاء درجة حرارة العينة الماخوذة من المواطن  بنفس درجة حرارة الجسم ، لحين وصولها الى المختبر ، متسببا بازالة الفيروس وانتفائه وتغيير النتيجة برمتها ، ليزداد معدل الخطا في هذه الفحوصات الى درجة تغير كافة المعادلات في الازمة الصحية الراهنة .
مما يعني حكما تفلت بعض الحالات الايجابية التي اتت نتائجها سلبية  ، ومع قدرة الفرد المصاب في نقل العدوى  الى ما يقارب 10 اشخاص” يوميا ( بعض الدراسات تؤكد ان كل مصاب قادر على نقل العدوى الى اكثر من 90 شخصا”) ، يترتب عنها كما هائلا وبالالاف من المخالطين المتعددي الظواهر المرضية ، يصعب عملية تتبعهم   وخاصة الحالات المجهولة المصدر الذين تزداد اعدادهم يوميا” ، وبالتالي يتوجب اخذ اجراء سريع بشانهم ، سيما واننا دخلنا فعليا في مرحلة الانتشار المجتمعي
( community spread ) .
واذا ما اردنا ان نتعامل بالارقام للمرحلة القادمة،  فان فترة 15 يوم التابعة لسياسة 5-2-5 و بادنى معدل مستقبلي هو 120 حالة ايجابية يوميا”ماعدا السهو والخطا ( لان الحالات ستكون في تزايد مستمر يوما بعد يوم ) ، يترتب عنها اصابة 1800 شخص ، واذا كان معدل المخالطة لكل مصاب هو 10 اشخاص بالحد الادنى ، يصبح لدينا 18000 مخالطا” ، علما” ان الفيروس بوضعه الحالي سريع الانتشار وشديد العدوى ، ويسبب ضررا كبيرا في صحة المصابين بشكل مغاير لما سبق من حالات .
ونعود ونكرر ان الكثير من الدول التي اعتمدت سياسة مناعة القطيع ، اعلنت بمعظمها فشل هذه السياسة ، وعدم قدرتهم  معالجة ما ارتكبوه بحق الشعب ، ليخرج الامر عن السيطرة ، ويكلفهم الامر عشرات الاف الاصابات والوفيات بين مواطنيهم ، وتقويض دعائم اقتصاد بلادهم ، ولا تزال اعداد الاصابات والوفيات لديهم في تزايد لغاية اليوم .

ان مناعة القطيع المتدرجة كما سميت من بعض المراجع  ، لا بد من التذكير معها ان مناعة الانسان المصاب تنتهي في فترة اقصاها ثلاثة اشهر من تاريخ الاصابة ، ليصاب بعدها مجددا” كاي مريض اخر ، مما يستدل ان لا فائدة من تعريض المواطن لهكذا اصابة من الممكن ان تودي به الى الهلاك ، بهدف تنفيذ خطة صحية ندم عليها  كل من اختارها في وقت لا ينفع فيه الندم  .
بهدف تصويب الامور نعود ونذكر ببعض الاجراءات الجدية الواجب اتخاذها باسرع وقت ممكن قبل فوات الاوان
1- الزام الجميع لبس الكمامة ، وتوجههم الى انواع معينة من الكمامات من شانها حمايتهم من الفيروس ، على ان تواجه المخالفات بغرامات مالية عالية وصولا الى السجن .
2- لبس النظارات التي تحول دون دخول الفيروس الى العيون ، بعد ان ثبت علميا وبتصريح كبار العلماء في هذا المجال ، ان الاصابة بالفيروس تتحقق من خلال الفم والانف والعينين .
3- اقفال المطار امام الوافدين لمدة 15 يوم كمرحلة اولى  ، ريثما تتم السيطرة ولو بشكل جزئي على الوباء داخليا” ، وتبقى حركة المغادرين منه عادية  ،  كما الحركة التجارية .
4- اقفال البلد بالكامل ما عدا خدمات الدليفري للمطاعم و المحلات المختصة ببيع الخضار والفواكه والماكولات على انواعها ، والصيدليات والافران والمصانع المختصة بالمواد الغذائية او المواد المعقمة المستعملة في الوقاية من الاصابة بالفيروس  عدا بعض النشاطات الاخرى المستثناة التي تحددها المراجع المختصة ، على ان لا يدخل الناس الى الاماكن المرخص لها ، الا بموجب نظام مدروس يراعي التباعد الاجتماعي ويخفف من امكانية الاصابة ، كان يصار الى رسم الاماكن الامنة الواجب الوقوف عندها على ارض المحل ، وان يدخله عدد مدروس يراعي التباعد الاجتماعي
5- دعم اللوازم الطبية الكفيلة بحماية المواطنين من الاصابة بالعدوى ، كالكمامات والمواد المعقمة والقفازات والادوية اللازمة في هكذا مرحلة صعبة ، لاستحالة شرائها بالاسعار المعروضة في السوق المحلية .

6- تولي القوى الامنية المساعدة في  تنفيد الخطة الصحية ، وردع المخالفين .
7- منع التنقل بين المدن والقرى الا في الحالات الضرورية ، ليتم ذلك باشراف البلدية والقوى الامنية .
8- تتكفل الدولة والبلديات بتسليم المواطنين مباشرة سلعا” غذائية بالحد الادنى، وهي مياه الشفة والخبز والحليب ومشتقاته ، وما تراه المراجع الصحية مناسبا” للصمود الغذائي طيلة فترة البقاء في المنزل لاسبوعين على الاقل .
مما يمنع المواطن من الخروج من منزله بهدف شرائها ، علما ان الدراسات في الكثير من الدول المتطورة ، خلصت الى استنتاج ان خروج شخص واحد من اصل ثمانية عن الالتزام الصحي المنزلي ، بهدف شراء السلع الضرورية ، يؤدي تخالط هؤلاء مع مجتمع اخر يتواجد فيه مصابون، الى اصابة ما يقارب 25 % من مجموع السكان كحد اقصى  ، خاصة في حال الانتشار المجتمعي للوباء والتقاط من هم خارج المنزل للعدوى ونقلها للاصحاء .
9- ان احتمال الفشل في تنفيذ سياسة 5-2-5 لا سمح الله سوف ينعكس كارثة على كل المستشفيات الخاصة والعامة والجسم الطبي وكل الاحتياجات الطبية ، والتي لم تعد تحتمل المزيد من النكسات ،والى تزايد الاصابات بشكل مخيف يصعب السيطرة عليها بسهولة وتتطلب مدة زمنية اطول بكثير من المرسومة سابقا” ، لذا يجب اخذ قرارات سريعة ومدروسة ومسؤولة من شانها انقاذ البلاد والعباد من هذا الوباء .


  • هذه السياسة المقترحة ، تضمن تقليل الاصابات نظرا للتباعد الاجتماعي ، والزام الجميع لبس الكمامات ، وتعطي المراجع الصحية الفرصة لالتقاط الانفاس ، وانهاء الفحوصات العالقة ، وتتبع المخالطين ورسم السياسات الصحية في المستشفيات الخاصة والعامة وطلب المساعدة الطارئة من مختلف المصادر العالمية ، من فحوصات pcr تضمن نتائج افضل اذا امكن ، وادوية ولوازم ومستلزمات طبية واجهزة تنفس اصطناعي  وعدنا بها المواطنون من قبل، وقيل لهم انها في الطريق الى البلد.
    كما تضمن ملاحقة الدولة لكافة الملزمين بالحجر الصحي الالزامي ، والزامهم بعقوبات موجعة وجدية في حال المخالفة .
    بدورنا نهدف من خلال دراساتنا الى المحافظة على الجهود الجبارة التي قام بها وزير الصحة لغاية اليوم ، مع كل الفرق الادارية والطبية المساعدة له ، في سبيل حماية المواطنين من فيروس مدمر ضرب القاسي والداني .
    حمى الله شعب لبنان

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى