كَتب : فؤاد سمعان فريجي
عند زيارة احد المتمولين اللبنانيين لشركته في الخليج ، تاه في المكان المحدد لركن سيارته ، ودخل الى الموقف المخصص للموظفين حيث عثر على مكان وخلال ترجله شاهد انواع وموديلات من السيارات الحديثة والباهظة الثمن ، سأل عامل الحراسة لمن هذه السيارات جاوبه لموظفي الشركة ، ذهب خيال المتمول الى البعيد ، الشركة لها اكثر من ٨ سنوات في عجز وخسارة !!
هذه المقدمة هي نموذج عن الوطن الكبير الذي يدخله الموظفين الكبار ليجعلوا منه صغيراً في السمعة من الهدر ، فيرتكبون السمسرات والسرقات والصغار يجعلوا منه مصرفاً ينهبوه ليصبحوا كباراً في الأرقام !
ها نحن الآن على بعد سنتميترات من السقوط ، وضع مالي متعثر على ينتظر لفظ الروح الأخيرة ، اطنان من ملفات الفساد بالأسماء والأرقام ، وجاء فيروس كورونا ليكشف عورات كانت مستورة بكف اليدين .
في المؤسسات الكبيرة والسوبر ماركات يضعون لافته تقول ( انتبه المكان مراقب بالكاميرات ) والسرقة جرم يُعاقب عليه القانون ، وازداد عدد اللافتات منذ سنة وكأنها شاشة ترافقك من المدخل خلال زيارتك حتى اخر زاوية من المكان ، ولأن اصحاب هذه المهن يعرفون تصاعد السرقات اليومية للحليب والزيوت وغيرها !
تذكرون جيداً منذ فترة المواطن الطرابلسي الذي سرق ربطتين خبز وعبوة مشروبات غازية لأطعام اولاده بعد عجز عن تأمين المال ، فألمه صراخ اطفاله عندما يُنادونه يا بابا نحنا ( جوعانين )
تم سجنه لكن هذا اوقع للمعنيين بالحيرة والصمت وعندما روى امام القاضي المحترم والشفاف النزيه ابن القانون ( داني الزعني ) اخرجه بكفالة قدرها ٣٠٠ الف ليرة وقال المتهم من اين اجلب المال ، فسددها القاضي الزعني من جيبه الخاص احتراماً للقانون والأنسانية .
في مدينة صور وامام قاضي الأمور المستعجلة محمد مازح ، ملفات لم تُشاهدها دوائر القضاء في لبنان ، والتهمة : سرقة حامض من بستان جيرانه. رأسان من الماعز من مزرعة أقربائه . علبة حليب للأطفال من الصيدلية.
القاضي مازح صاحب الضمير ألمته تلك الشكاوى ، بعد علم ان هناك عشرات الملفات والشكاوى التي تتعلق بسرقة ادوية ومواد غذائية ( جريدة الأخبار — راجانا حميه ) .
هل يُعقل ما وصلنا اليه ؟ وماذا ايضاً عن مرضى يتسكعون امام المستشفيات ومرضى لم يجدوا ثمن الدواء ، وضمان اجتماعي لا يحترم العجزة ومضمونين ينتظرون ٩ أشهر ليقبضوا فواتير الدواء ، ويتعرض الفرد للأهانة والأزلال .
لن أطيل ، فالشاشات تزدحم بالسوداووين وبوم من السياسيين المارقين ، ويومياً حفلات من الدجل الأجتماعي ، وأبواق من المحرضين المذهبيين والطائفيين وناشري الأحقاد الذين ينبشون من عمق المأساة رذائلها فيبثون سمومهم القاتلة على الهواء ، وكأن ذاكرتهم الببغائبة تم تصفيحها بالقصدير كي لا يخرقها الأمل .